المرأة العراقية نحو ريادة الاعمال: دور التحول الرقمي
فاطمة نعمة/
التحول الرقمي يعيد تشكيل الاقتصادات حول العالم، والعراق ليس بعيداً عن هذا التحول. بالنسبة للنساء العراقيات، يفتح هذا التحول آفاقًا جديدة للمشاركة الاقتصادية والمشاريع الريادية، حيث يتجاوزن الأدوار التقليدية ليقتحمن الفرص في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والجمال وغيرها من قطاعات العمل. يستكشف هذا المقال كيفية تأثير التحول الرقمي على النساء في العراق، التحديات التي يواجهنها، والمبادرات التي تدعم نموهن.
توسيع فرص العمل خارج الأدوار التقليدية تاريخيًا
كانت النساء العراقيات منخرطات بشكل رئيسي في قطاعات مثل الحرف اليدوية والطهي وصناعة الصابون. ومع ذلك، مكن التحول الرقمي النساء من التوسع إلى مجالات أكثر تنوعًا. على سبيل المثال، تقود مروة النعيمي مشروع “الذهب الأخضر“، الذي يركز على الاستدامة البيئية، بينما تترأس باسمة عبد الرحمن شركة “كيسك“، التي تقدم حلول الطاقة الشمسية في العراق. بالإضافة إلى ذلك، تدير زينب الجاف علامة “بونليلي” للعناية بالجمال والصحة، التي تستفيد من المنصات الرقمية للوصول إلى جمهور أوسع. هذه الأمثلة تسلط الضوء على كيفية استخدام النساء في العراق للأدوات الرقمية لكسر الحواجز وقيادة مشاريع ناجحة في مختلف الصناعات.
فعلى سبيل المثال حتى الأعمال التقليدية، مثل تلك المتعلقة بالطهي والحرف اليدوية وصناعة الصابون، تشهد ثورة رقمية. يستخدم رواد الأعمال في هذه المجالات بشكل متزايد وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التجارة الإلكترونية واستراتيجيات التسويق الرقمي لتوسيع قاعدة عملائهم وتحسين أعمالهم. هذا التبني التكنولوجي ضروري للنمو في عالم يتسارع نحو الرقمنة، مما يسمح للنساء بتوسيع أعمالهن والوصول إلى أسواق جديدة.
الشمول المالي والمشاركة الاقتصادية
رغم كل التقدمات والتحول الرقمي الذي يحدث اليوم، لا تزال النساء في العراق ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يواجهن تحديات كبيرة في الشمول المالي. وفقًا لقاعدة بيانات “جلوبال فيندكس” من البنك الدولي، فإن 35٪ فقط من النساء في المنطقة لديهن حساب مالي، مقارنة بـ 52٪ من الرجال. هذا التفاوت يبرز الحاجة إلى بذل جهود أكبر لضمان عدم تهميش النساء في الاقتصاد الرقمي. وجدت دراسة أجرتها الاتحاد الأوروبي أن زيادة مشاركة النساء في قطاع التكنولوجيا يمكن أن تعزز الاقتصاد بحوالي 16 مليار يورو، مما يوفر للنساء المزيد من الفرص للمشاركة الكاملة في المجتمع.
التغلب على التحديات في الاقتصاد الرقمي
تواجه النساء في العراق تحديات متعددة في الاقتصاد الرقمي، بما في ذلك محدودية التمويل، التوقعات المجتمعية، وندرة البنية التحتية الداعمة. ومع ذلك، تتغلب بعض النساء على هذه العقبات من خلال المرونة والابتكار. على سبيل المثال، برامج محو الأمية الرقمية وشبكات الإرشاد اضافة الى حاضنات ومسرعات الاعمال التي تساعد النساء على اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في الاقتصاد الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر السياسات الحكومية الداعمة والتعاونات الدولية أساسية في مواجهة هذه التحديات. اذ لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة في أي بلد إذا لم تكن النساء منخرطات في الحياة الاقتصادية وأجهزة اتخاذ القرارات السياسية. إن ضمان مشاركة النساء في سوق العمل هو سمة من سمات الاقتصاد الذكي، وهذا يتطلب جهودًا نشطة ومستمرة بمرور الوقت.
حيث ان نتائج التحول الرقمي لا يغير فقط هياكل العمل التقليدية، بل يقدم أيضًا ترتيبات عمل جديدة، مثل العمل عن بعد، ويتطلب تطوير المهارات الرقمية. وفقًا لمنظمة العمل الدولية، أدى التحول إلى العمل عن بعد إلى ظهور أنماط عمل جديدة وهياكل وظيفية، مما يرفع الحاجة إلى برامج تدريب واكتساب المهارات الرقمية. يجلب هذا التحول أيضًا حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل العمل، مما يؤكد أهمية تبني الابتكار والمعرفة الرقمية. اضافة الى هذا، تلعب شركة كابيتا Kapita على المستوى المحلي في العراق و GiZ على المستوى الدولي دورًا حيويًا في دعم التحول الرقمي في العراق. فعلى سبيل المثال، يستهدف برنامج الاقتصاد الرقمي، الذي تنظمه كابيتا Kapita بالتعاون مع GiZ، الشباب ويركز على مواضيع مثل الاقتصاد الرقمي والأعلام وأساسيات الكتابة الرقمية والأدوات والمنصات الرقمية واستراتيجيات التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي. توفر هذه المبادرات للشباب والمحترفين المهارات اللازمة للمساهمة في الاقتصاد الرقمي المتطور في العراق.
في الختام، رغم التحديات التي لا تزال قائمة، فإن التحول الرقمي في العراق يقدم فرصًا كبيرة للنساء لتنويع أنشطتهن الاقتصادية، وقيادة مشاريع مبتكرة، والمشاركة بشكل أكبر في الاقتصاد. بدعم من منظمات مثل كابيتا Kapita وGiZ، واستمرار تبني الأدوات الرقمية، تستعد النساء العراقيات للعب دور حاسم في مستقبل البلاد الرقمي.